من منا على حق ؟! ... قصة قصيرة

من منـّا على حق ؟!
هائم ٌعلى وجهى أسيرُ فى الطرقات بلا هدف ، أتلفت من حولى أتفحص وجوه المارة فأجد الجميع يمشون بلا هدف مثلى، لم يعد يعنى الوقت لى شيئا ، النهار أصبح كالليل ، الفرق بينهما هو لون السماء التى لم أنظر لها منذ وقت بعيد ، فعيناى لم تعد تجرأ على النظر لأعلى ، أخذت كلمات أمى تترد فى أذناى " يابنى الدنيا ليست بهذا السوء ، صدقنى إنها لا تزال بخير " أخذت الكلمات تكرر نفسها على مسمعى ، حتى كدت أن أقتنع ، لكن سيارة مسرعة مرت من جانبى فأغرقتنى ببحر من المياه كانت سببا كفيلا بعزوفى عن الاقتناع بكلامها ، فكرت كثيرا فى كل شيء حتى أصبح التفكير مهنتى ، بالطبع هو كذلك لأنى عاطل عن العمل ، عشرون عاما من الدراسة ذهبوا هباءا ، عشرون عاما من المذاكرة والامتحانات والسهر والحرمان من متع الحياة ضاعوا بلا ثمن . كانت أمى دائما تبشرنى بأنى سأصبح ذا شأن كبير فى يوم من الأيام ، مسكينة هى أمى ، دائما ترى الحياة وردية .
أخذت أسير بلا عقلى ، فقدمى تعرف طريقها دون أن أفكر فيه ، وصلت الى المكان المنشود ، انها الحديقة التى شهدت مراحل تطورى أو إذا تحرينا الدقة فلنقل مراحل تخلفى ، جلست على مقعدى المفضل ، وبدأت فى العمل ، أقصد بدأت فى التفكير ، أخذت أندب حظى العاثر تارة ، وأسترجع كلام أمى تارة ، قلت فى نفسى لعلها محقة ، هى دوما ًمُحقة فى كل شيء ، وأنا دوما ًمخطئ فى كل شئ ، فلم أرفض الاقتناع بكلامها فى تلك النقطة بالذات؟ ربما لأنى كنت الأول على دفعتى لكن التعيين ذهب لأبناء الأساتذة ، ربما لأنى طردت من عملى بلا سبب ، ربما لأنى حتى الآن لا أستطيع مجرد التفكير فى أن أكمل نصف دينى ، ومن هى المجنونة التى تقبل بى زوجا ، ربما ... ، ربما ... ، ربما ... ، أخذت الذكريات السيئة تتوارد تباعا إلى أن إستطاعت دمعة أن تفك الحصار الذى كنت أحاول فرضه عليهم ، فانهمر سيل الدموع يُلطف بعضا من نيران قلبى المتأججة ، فقدت حينها الاحساس بالزمان والمكان ، واستمرت نوبة البكاء مايزيد عن الدقائق العشر ، وفجأة أحسست بيد تربت على كتفى ، استدرت فإذا رجل فى العقد الخامس من عمره يبتسم لى ابتسامة رقيقة و
- مابك يابنى ؟
- لا شيئ عمى
- كل هذه الدموع ولا شيء ، أنا أتابعك من بداية قدومك ، ومن خبرتى فى الحياة أؤكد لك أن هناك أشياء تثقل كاهلك ، فلا تتدعى انك بخير
لم أجد مفرا من أن أحكى له بعضا من همومى ، لعلى بذلك أستريح بعض الشيء ، أخذت أسرد له قصص فشلى فى الحياة ، ومواقف الظلم التى تعرضت لها ، حكيت له عن نظرتى السوداوية للحياة ، ونصيحة أمى التى لا أستطيع الإقتناع بها ، حكيت له كل شيء والرجل ينصت لكلامى وكأنه تحول الى تمثال شمع بلا حياة ، لكنه بين كل حين وحين يضع يده على كتفى ، لا أعلم ، ليواسينى أم ليعلمنى أنه مازال على قيد الحياة .
- كل ماقلته يابنى كفيل بأن يدمر أى أحد ، لكنى أرى أمك محقة فى كلامها ، فالظلم مهما تفشى فى الارض ،يظل الخير موجودا ولو قليل ، دع عنك هذا اليأس و حاول ان تثبت لنفسك أنها أخطأت بشدة فى حقك حينما أقنعتك أن الدنيا سوداء بلا أبيض ، ولتعلم أن وراء كل قصة نجاح مئات التجارب الفاشلة ، أتركك يابنى الان ، ولتعلم أنى واثق أنك ستشق طريق النجاح بنفسك .
- شكرا جزيلا عمى على اهتمامك ونصيحتك ، سأعمل بها بإذن الله .
انصرف كل منا إلى حاله ، وأنا فى طريقى الى البيت استرجعت شريط ما حدث ، فتنهدت تنهيدة المستسلم ، فأمى أيضا على حق هذه المرة ، فهذا الرجل دليل على أن الدنيا لا تزال بخير وليست كما أراها ، فاهتمامه وإنصاته ونصيحته تؤكد أن الخير مازال موجو...........
توقفت عن التفكير فجأة ، وتسمرت يدى فى جيبى ، وجحظت عيناى من هول المفاجأة ، لقد سُرق الهاتف ، وبرد فعل طبيعى وضعت يدى على جيبى الخلفي ، تبا ُ ، المحفظة أيضا سرقت .
الآن فقط عرفت سر اهتمام الرجل ، والآن فقط ولأول مرة أنا على حق وأمى مخطئة .
******
تمت بحمد الله تعالى

تعرف يا دكتور ..... القصة دي واقعيه جدا جدا ،، كدت أن أبكي وأنا أقرؤها،،
كأنك أنت صاحب هذه النبره الحزينة الشاكية .... لا أدري لماذا ؟؟؟ .. ولكن أحسست أنك أنت هو ، وليس سواك....
لا أدري ماذا أقول ؟؟؟ ، ولكن الكلمة التي قالتها الأم : كنت دائما أقولها لنفسي ..
وتارة أقول لنفسي علامة من علامات يوم القيامة اللي بيحصل ده ... وأدعو أن لا أحضر هذا الزمان ، فاللهم ارحمنا
ولكن ...( سأقول ما بنفسي ، فاسمحلي :
أقول لك بصراحة،،، تأتي أغم اللحظات على بني آدم ربما تستمر يوما ، شهرا ، سنة ،، ولكن رسوخ الإيمان وقوة الإرادة والإصرار وعدم الكل والملل ، كفيل بأن يجعل الدنيا بخير ... فأنت الحمد لله مازلت بخير!!!
اللهم ثبت إيمانك واكشف عنك الكرب...يا رب العالمين
لك الود الدائم بإذن الله
أعزك الله.... وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..( صلي عليه يا حالما بلقياه )

اثبت ...اثبت أُحُد .... ولنمضي معك حيّاك الله

سلمت يمينك ،، وسلم فكرك ... بسم الله ما شاء الله ،،
.حقا ما زالت الدنيا بخير ، ففيها أمثالكم...
من أجمل القصص التي قرأتها لكم ... أدامك الله ذخرا وعلى شأنك وذكرك ...
أتركك في أمان الله ...

بعد الكلام اللي اتقالك ده انا عندي كلمة واحدة بس اقولهالك
جامدة موووووووووووووووووووت
و ده ملخص ما قالته السنبلة ( من غير زعل)

استاذتى السنبلة
لا أدرى بما أرد على كلامك هذا ، لكن يكفينى أن أقول انه شهادة أفتخر بها من معلمة لتلميذها.
******
أصبت فى قولك بأنى صاحب النبرة الحزينة الشاكية فى القصة ، ففكرتها جاءت أصلا لتعكس الحالة التى كنت أمر بها ، وبما أنى تعودت دوما ألا أستسلم ، لذا فإنى أجد فى القصص بغيتى فى التفريج عن همومى حتى أستطيع أن أواصل طريقى فى الحياة .
اعلم وأؤمن تماما أنها كربة وستزول عن قريب بإذن الله
*****
جزاكم الله خيرا كثيرا على هذا الدعاء الرائع ، وأسال الله لكى مثله وأكثر منه ... والدنيا بخير أستاذتى لأن أمثالك فيها لا أمثالى .
دمتى بألف خير
لكى منى خالص التحيات

عدوووول
دايما رافع معنوياتى ، عايز أقولك حاجة بقى وبجد والله صدق مش بكش .
انا بقالى فترة فكرة القصة فى دماغى بس ماكنتش لاقى وقت أقعد أالفها ، فلما قابلتك يوم الاجتماع واكلمت معاك ، كلامك شجعنى جدا ، فكتبتها بعديها على طول .
فربنا يكرمك ويجزيك عنى خير ، ومايحرمنيش منك أبدا .
إنى أحبك فى الله .
دمت بخير حبيبى

abdelrahman_eldeeb كتب:: استاذتى السنبلة
لا أدرى بما أرد على كلامك هذا ، لكن يكفينى أن أقول انه شهادة أفتخر بها من معلمة لتلميذها.
******
أصبت فى قولك بأنى صاحب النبرة الحزينة الشاكية فى القصة ، ففكرتها جاءت أصلا لتعكس الحالة التى كنت أمر بها ، وبما أنى تعودت دوما ألا أستسلم ، لذا فإنى أجد فى القصص بغيتى فى التفريج عن همومى حتى أستطيع أن أواصل طريقى فى الحياة .
اعلم وأؤمن تماما أنها كربة وستزول عن قريب بإذن الله
*****
جزاكم الله خيرا كثيرا على هذا الدعاء الرائع ، وأسال الله لكى مثله وأكثر منه ... والدنيا بخير أستاذتى لأن أمثالك فيها لا أمثالى .
دمتى بألف خير
لكى منى خالص التحيات

[[color=indigo]center]
أخي الفاضل .... تحرجني دوما - والله يعلم - ولكلماتك وقع محبب إلى قلبي ،
دمت نعم الأخ.
بارك الله فيك وثبتك وجزاك من عنده خير الجزاء

طبت بألف خير
..[/center[/color]]

أخي الدكتور عبد الرحمن
-------------------

أرجو ألا يكون قدوتك في القصص القصيرة هو الدكتور نبيل فاروق

فعلى الرغم من كوني أحد قراء روايات مصرية للجيب ، إلا أنني على الدوام اعترض على قصص د / نبيل القصيرة ، فمفهوم د/ نبيل عنها انها قصيرة حجما و لكن لا تنطبق عليها قواعد القصة القيرة من وحدة الزمان و المكان و الموضوع

أظن ان بقصتة توحد الموضوع و لكن اختلف المكان والزمن فهل اخطات؟؟؟؟؟!!!!

د. أحمد
أولا أنا لم أقرأ لـ د.نبيل فاروق الا رجل المستحيل وأعتقد أنه لا يوجد علاقة بين هذه السلسلة وما أكتبه لا من قريب ولا من بعيد
ثانيا حتى الآن وللأسف لا قدوة لى فى مجال الكتابة القصصية حتى الآن ، فأنا لم أقرأ إلا القليل منها .
ثالثا أنا لا أعرف شيئا عن قواعد القصة القصيرة ، ولا أقتنع بأن يكون هناك قواعد أصلا ، المهم أن تكون القصة قادرة على التأثير فى قارئها وتوصيل مايريده الكاتب الى القارئ ، وأن تكون وسيلة للكاتب لان يعبر عن أفكاره ومشاعره بمنتهى الحرية ، أما التقيد بالمكان والزمان ، فأنا لا أقتنع به على الاطلاق .
دمت بألف خير يا دكتور ، وجزاكم الله خيرا على نقدك
دمت لنا أخا

لو أن هذه لم تكن خاتمتها للمت عليك

فرغم أن الصياغة بديعة تستجلب دمع القارئ

إلا أن الموضوع مكرر

لكن جاءت النهاية لتضفي على الموضوع رونقا خاصا

هذا الرونق الذي طالما وجدناه مميزا لقلمك

بارك الله خطاك

و

نصيحة

اهتم بمجال القصص القصيرة بشكل أكبر من الشعر

فإني لأرى لك فيه مستقبلا بإذن الله

لك التحايا الطيبات

النجمة الصامدة
أكرمك الله على هذا الاطراء الذى لا أستحق ، فأنت تعلمين أنى منك أتعلم فى مجال الكتابة .
بالنسبة للنهاية ، فأنا عندما أكتب أى قصة أبحث عن التميز فى الفكرة ، أو بمعنى آخر أبحث عن ابتكار أفكار جديدة ، وفى هذه القصة بالذات كانت النهاية هى الفكرة التى بنيت عليها القصة بأكملها ، والحمد لله وفقنى الله فى صياغتها .
جزاكم الله خيرا على نصيحتك بالتركيز على القصص ، فأنا بالفعل بدأت فى ذلك حتى أصبحت القصة القصيرة معشوقتى . lol!

إيه قلة الأدب دى lol!

ماعلينا
أكرر ثانية ، أنى وان كنت أكتب القصة بأسلوب جيد ، فأنت تكتبينها بأسلوب رائع بلا أدنى مجاملة
دمتى فى تفوق وإبداع
تحياتى

» عيد .. طفلة... قصة قصيرة جدا :)
» "واغتصبها أمامى " قصة قصيرة
» "غباء مدرس " .... قصة قصيرة
» "أســـــــــطورة " ... قصة قصيرة