1. أركان الصوم :
للصيام ركنان تتركب منهما حقيقته :
1 - الامساك عن المفطرات ، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس . لقول الله تعالى : ( فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ) . والمراد بالخيط الابيض ، والخيط الاسود بياض النهار وسواد الليل .
2 - النية : لقول الله تعالى : " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين " . وقوله صلى الله عليه وسلم : " إنما الاعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى " . ولابد أن تكون قبل الفجر ، من كل ليلة من ليالي شهر رمضان . لحديث حفصة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لم يجمع الصيام قبل الفجر ، فلاصيام له . " رواه أحمد وأصحاب السنن ، وصححه ابن خزيمة ، وابن حبان . وتصح في أي جزء من أجزاء الليل ، فمن تسحر بالليل ، قاصدا الصيام ، تقربا إلى الله بهذا الامساك ، فهو ناو . ومن عزم على الكف عن المفطرات ، أثناء النهار ، مخلصا لله ، فهو ناو كذلك وإن لم يتسحر . وقال كثير من الفقهاء : إن نية صيام التطوع تجزئ من النهار ، إن لم يكن قد طعم .
2. على من يجب :
أجمع العلماء : على أنه يجب الصيام على المسلم العاقل البالغ ، الصحيح المقيم ، ويجب أن تكون المرأة طاهرة من الحيض ، والنفاس . فلا صيام على كافر ، ولا مجنون ، ولاصبي ولا مريض ، ولا مسافر ، ولا حائض ، ولانفساء ، ولاشيخ كبير ، ولا حامل ، ولا مرضع . وبعض هؤلاء لا صيام عليهم مطلقا ، كالكافر ، والمجنون ، وبعضهم يطلب من وليه أن يأمره بالصيام ، وبعضهم يجب عليه الفطر والقضاء ، وبعضهم يرخص لهم في الفطر وتجب عليه الفدية ، وهذا بيان كل على حدة .
• صيام الكافر ، والمجنون : الصيام عبادة إسلامية ، فلاتجب على غير المسلمين.
• صيام الصبي : والصبي - وإن كان الصيام غير واجب عليه - إلا أنه ينبغي لولي أمره أن يأمره به ، ليعتاده من الصغر ، مادام مستطيعا له ، وقادرا عليه
• من يرخص لهم في الفطر ، وتجب عليهم الفدية (اي الاطعام):
يرخص الفطر للشيخ الكبير ، والمرأة العجوز ، والمريض الذي لا يرجى برؤه ، وأصحاب الاعمال الشاقة ، الذين لا يجدون متسعا من الرزق ، غير ما يزاولونه من أعمال . هؤلاء جميعا يرخص لهم في الفطر ، إذا كان الصيام يجهدهم ، ويشف عليهم مشقة شديدة في جميع فصول السنة . وعليهم أن يطعموا عن كل يوم مسكينا .
قال الشيخ محمد عبده : فالمراد بمن " يطيقونه " في الآية ، الشيوخ الضعفاء والزمني ونحوهم كالفعلة الذين جعل الله معاشهم الدائم بالاشغال الشاقة كاستخراج الفحم الحجري من مناجمه . ومنهم المجرمون الذين يحكم عليهم بالاشغال الشاقة المؤبدة إذا شق الصيام عليهم ، بالفعل ، وكانوا يملكون الفدية .
والحبلى ، والمرضع - إذا خافتا على أنفسهما ، أو أولادهما أفطرتا - وعليهما الفدية ، ولاقضاء عليهما ، عند ابن عمر ، وابن عباس
. وعند الاحناف وأبي عبيد وأبي ثور : أنهما يقضيان فقط ، ولا إطعام عليهما . وعند أحمد ، والشافعي : أنهما - إن خافتا على الولد فقط وأفطرتا - فعليهما القضاء والفدية ، وإن خافتا على أنفسهما فقط ، أو على أنفسهما وعلى ولدهما ، فعليهما القضاء ، لا غير .
• من يرخص لهم في الفطر ، وتجب عليهم الفدية (اي الاطعام):
من يرخص لهم في الفطر ، ويجب عليهم القضاء :
يباح الفطر للمريض الذي يرجى برؤه ، والمسافر ، ويجب عليهما
من يرخص لهم في الفطر ، ويجب عليهم القضاء :
يباح الفطر للمريض الذي يرجى برؤه ، والمسافر ، ويجب عليهما القضاء . قال الله تعالى : ( ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) .
• والمرض المبيح للفطر ، هو المرض الشديد الذي يزيد بالصوم ، أو يخشى تأخر برئه.
• والسفر المبيح للفطر ، هو السفر الذي تقصر الصلاة بسببه ، ومدة الاقامة التي يجوز للمسافر أن يفطر فيها ، هي المدة التي يجوز له أن يقصر الصلاة فيها .
وايضا اتفق الفقهاء على أنه يجب الفطر على الحائض ، النفساء ويحرم عليهما الصيام ، وإذا صاتا لا يصح صومهما ، ويقع باطلا ، وعليهما قضاء ما فاتهما . روى البخاري ، ومسلم ، عن عائشة ، قالت : كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنؤمر بقضاء الصوم ، ولا نؤمر بقضاء الصلاة .
3. الايام المنهي عن صيامها:
جاءت الاحاديث مصرحة بالنهي عن صيام أيام نبينها فيما يلي
• النهي عن صيام يومي العيدين :
أجمع العلماء على تحريم صوم يومي العيدين ، سواء أكان الصوم فرضا ، أم تطوعا .
• النهي عن صوم أيام التشريق :
لا يجوز صيام الايام الثلاثة ، التي تلي عيد النحر . وأجاز أصحاب الشافعي ، صيام أيام التشريق ، فيما له سبب ، من نذر ، أو كفارة ، أو قضاء . أمامالا سبب له ، فلا يجوز فيها بلا خلاف . وجعلوا هذا نظير الصلاة التي لها سبب في الاوقات المنهي فيها عن الصلاة .
• النهي عن صوم يوم الجمعة منفردا :
يوم الجمعة عيد أسبوعي للمسلمين ، ولذلك نهى الشارع عن صيامه . وذهب الجمهور : إلى أن النهي للكراهة لا للتحريم إلا إذا صام يوماقبله ، أو يوما بعده ، أو وافق عادة له ، أو كان يوم عرفة ، أو عاشوراء . فإنه حينئذ لا يكره صيامه .
• النهي عن إفراد يوم السبت بصيام :
ومذهب الاحناف ، والشافعية والحنابلة ، كراهة الصوم يوم السبت ، منفردا ، لهذه الادلة . وخالف في ذلك مالك ، فجوز صيامه منفردا ، بلا كراهة.
• النهي عن صوم يوم الشك :
قال عمار بن ياسر رضي الله عنه : من صام اليوم الذي شك فيه فقد عصى أبا القاسم ، صلى الله عليه وسلم ، رواه أصحاب السنن . وقال الترمذي : حديث حسن صحيح ، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم ، وبه يقول سفيان الثوري ، ومالك بن أنس ، وعبد الله بن المبارك ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، كرهوا أن يصوم الرجل اليوم الذي يشك فيه . ورأى أكثر هم إن صامه وكان من شهر رمضان ، أن يقضي يوما مكانه فإن صامه لموافقته عادة له جاز له الصيام حينئذ بدون كراهة.
• النهي عن صوم الدهر :
يحرم صيام السنة كلها ، بما فيها الايام التي نهى الشارع عن صيامها . قال الترمذي : وقدكره قوم من أهل العلم صيام الدهر . إذا لم يفطر يوم الفطر ، ويوم الاضحى ، وأيام التشريق . فمن أفطر في هذه الايام ، فقد خرج من حد الكراهة ، ولايكون قد صام الدهر كله . هكذا روي عن مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحق .
• النهي عن صيام المرأة ، وزوجها حاضر ، إلا بإذنه :
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة أن تصوم ، وزوجها حاضر حتى تستأذنه . فعن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تصم المرأة يوما واحدا ، وزوجها شاهد إلا بإذنه ، إلا رمضان " رواه أحمد ، والبخاري ومسلم . وقد حمل العلماء هذا النهي على التحريم ، وأجازوا للزوج أن يفسد صيام زوجته لو صامت ، دون أن يأذن لها ، لافتياتها ( اي لتعديها ) على حقه ، وهذا في غير رمضان كما جاء في الحديث ، فإنه لا يحتاج إلى إذن من الزوج وكذلك لها أن تصوم من غير إذنه ، إذا كان غائبا ، وجعلوا مرض الزوج ، مثل غيبته عنها . في جواز صومها ، دون أن تستأذنه .
• النهي عن وصال الصوم:
وقد حمل الفقهاء النهي على الكراهة . وجوز أحمد ، وإسحق وابن المنذر ، الوصال إلى السحر ، ما لم تكن مشقة على الصائم .
4. صيام التطوع:
رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيام هذه الايام الاتية :
صيام ستة أيام من شوال : وعند أحمد : أنها تؤدى متتابعة وغير متتابعه ، ولا فضل لاحدهما على الاخر . وعند الحنفية ، والشافعية ، الافضل صومها متتابعة ، عقب العيد .
• صوم عشر ذي الحجة وتأكيد يوم عرفة لغير الحاج :
قد استحب أهل العلم ، صيام يوم عرفة إلا بعرفة .
• صيام محرم ، وتأكيد صوم عاشوراء ويوما قبلها ، ويوما بعدها :
وقد ذكر العلماء : أن صيام يوم عاشوراء على ثلاث مراتب : المرتبة الاولى : صوم ثلاثة أيام : التاسع ، والعاشر ، والحادي عشر . المرتبة الثانية : صوم التاسع ، والعاشر . المرتبة الثالثة : صوم العاشر وحده
• صيام أكثر شعبان :
قالت عائشة : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط ، إلا شهر رمضان ، وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان . رواه البخاري ، ومسلم .
• صوم الاشهر الحرم :
الاشهر الحرم ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب ويستحب الاكثار من الصيام فيها
• صوم يومي الاثنين والخميس :
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر ما يصوم الاثنين ، والخميس رواه أحمد
• صيام ثلاثة أيام ، من كل شهر :
قال أبو ذر الغفاري رضي الله عنه : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام ، البيض : ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، وخمس عشرة . وقال : هي " كصوم الدهر " رواه النسائي ، وصححه ابن حبان . وجاء عنه صلى الله عليه وسلم : أنه كان يصوم من الشهر ، السبتوالاحد ، والاثنين ، ومن الشهر الاخر ، الثلاثاء ، والاربعاء ، والخميس ، وأنه كان يصوم من غرة كل هلال ، ثلاثة أيام ، وأنه كان يصوم . الخميس ، من أول الشهر ، والاثنين الذي يليه ، والاثنين الذي يليه .
• صيام يوم وفطر يوم :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أحب الصيام إلى الله صيام داود ، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود ، كان ينام نصفه ، ويقوم ثلثه ، وينام سدسه ، وكان يصوم يوما ، ويفطر يوما " .
• جواز فطر الصائم المتطوع
وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى جواز الفطر ، لمن صام متطوعا ، واسحبوا له قضاء ذلك اليوم.
يتبع ان شاء الله تعالي
تهذيب/الفيلسوف الصغير