رذاذ الاحلام .....2

وحي البحر

سافرت كثيرا على البواخر التي كانت تنقلنا بين جدة التي عشت بها ما يقرب من أحد عشر عاما والسويس التي كانت بالنسبة لي بوابة مصر التي تعلن انتهاء حياة وابتداء أخرى .........!!
وقد كان شأني مع البحر شأن عاشق ومعشوقته يتمنى أن يخرج معها من حدود الزمان إلى زمان آخر فيظل ينظر إليها على الحال التي يعشقها بها كيفما شاء إلى ما يشاء الله....
وقد كنت أصل الى درجة من الشغف -أو إذا أردت فقل الهوس- فأقضي يومي كاملا من الفجر وحتى غروب الشمس أتأمل البحر بأمواجه الهادئة التي تضطرب خجلا من مرور أنامل الضوء ترسلها الشمس لتمسح على وجهها الناعم ....
رباه....... أكاد أرى هذا المشهد يتكرر في مخيلتي ...منظر من عالم الخيال ...
الافق الممتد مغطى ببساط الماء المتموج..... وكأن ملائكة قد أمسكت أطرافه تبعثها بلطف حينا وتقبضها حينا آخر إلى مالا نهايه....
وفي المالا نهاية يلتقي الافق المتموج بالافق السماوي البديع ...يتقلب من لون إلى لون وكأنه لوحة يسكب عليها طفل ألوانه الطفولية البريئه فتتلون في صفاء عجيب هو بعض من روعة العالم الملائكي وصفائه تطل على أهل الارض بضعة ساعات لعلهم ينتبهون لها حينا فتذكرهم بعظمة الخالق البديع......
ولكم أتمنى أن أرى هذا المشهد ثانية بمثل هذه الروح فوالله الذي لا إله غيره إن الانسان لا يرى بعينيه مثل الذي تراه روحه ولو أنه ترك لروحه فرجة ترى بها ما أبدعته عظمة الخالق في الكون لراحت الروح إلى بارئها ولرأت بعين اليقين الملائكة بين التسبيح والركوع والسجود ..ولملأتها الانوار من عالم النور ورب النور
فالله نور السماوات والارض